قطف مراد سلام بدأت مسيرتها التّعليمية في مدرسة بيت جن الثانوية، المدرسة التي تصدرت أعلى نسبة نجاح في امتحانات البجروت في البلاد، ثم أكملت تعليمها الجامعي كطالبة إعلام، وقبل 20 سنة، افتتحت أول تخصص اعلام في المدارس الدرزية وذلك في مدرسة جولس الثانوية.
وقامت وزارة التربية والتعليم بتعينها كمسؤولة عن تعليم الإعلام والسينما في المجتمع العربي. وتخرجت مدرسة القيادة التربوية في معهد منديل. معهد للقيادة.
قطف اليوم مديرة برنامج تدريب المعلمين حوتام(חותם)، ومحاضرة في قسم الصحافة والاعلام في كلية اورانيم, ومرشدة في برامج ومشاريع الحياة المشتركة في الكلية وخارجها.
الطريق التي مرّت بها قطف مذهلة! وجهت مسيرتها دائمًا من أجل تحقيق المساواة، المساواة في نظرها لا تقتص على المجتمع العربي فقط انما قطف كإمراه تطالب بالمساواة من أجل النساء بشكل عام!
قطف هي واحدة من الشخصيات المميزة اللواتي عرفتهن، وإستغرق مني وقتًا طويلاً حتى استطعت مقابلتها למדור של אישה אקטיביסטית למען חיים משותפים,
ويهمني جداً أن بأمشاركتكم بقصتها، طريقها وبأفكارها.
حين تقرأ/ين المقالة ستعلم/ين أننا نتحدث عن امرأة عصامية، مطلعة، مستقلة و، قيادية،قطف تشدد ان كل ما قام به كان دائما مع شريكات وشركاء “كيؤين لا تكتبي اني قدت هذه المشاريع لوحدي، لان هذا غير صحيح، دائما عملت مع طلقم نساء ورجال وسويا نجحنا ان نشق طريقنا وهذها هو السر، العمل الجماعي هو سر النجاح هذا هو الأصل الذي أطمح اليه دائما” قطف تسكن في حورفيش, متزوجة من مؤيدوأًمّ لجاد ودان.
قطف تسكن في حورفيش, متزوجة من مؤيد وأًمّ لجاد ودان.
قطف, متى بدأت تهتمين باللقاء والوصل بين العرب واليهود؟ متى بدأت تهتمين وتتعمقين في هويتك القومية؟ وبالموضوع العربي اليهودي بشكل عام؟
قطف: هذا سؤال ” يهودي“! اذ يستطيع اليهودي الذي يعيش في البلاد أن يعيش طيلة حياته دون ا التّعرف على العرب, دون أن يتعلُّم العربية, ودون ان يعرف الفرق بين عيد الأضحى وعيد الفطر. يتلخص لقاء اليهودي بالعربي بسماع المؤذن ينادي ” الله أكبر” وغالبا ما ينزعج جدا لسماعه) حتى بمجرد مقابلة الطبيب العربي في المستشفى, أو الطالب اللطيف الذي يجلس بجانبه في المحاضرة التي تضم 150 طالب.
في المقابل، الوضع مختلف من الجانب العربي، العربي يلتقي كل يوم تقريبا مع أشخاص يهود ومع الثقافة اليهودية ، سواء في العمل أو في المُجمعات التجارية، في مكتب الترخيص، في مكتب التأمين الوطني، في الرسائل الرّسمية التي تُرسل إليه، الموسيقى التي يَسمعها، في التوقف لشرب القهوة في شارع 6, في الكتب والمقالات التي يقرأها في التعليم الجامعيي،. والمحاضرين طبعًا ووسائل الاعلام! في كل مكان! في الواقع انا أعتقد أن المواطن العربي عليه بذل مجهود كبير من أجل أن يمر يوم واحد دون أن يلتقي بالآخر، اليهودي!
في الحقيقة معك حق يا قطف،، إذا كيف بدأت بالإهتمام بالموضوع في حياتك اليوميّة؟
كعربية، لقد شغلني موضوع العرب واليهود منذ سن مبكرة جدًا، اللقاء الهام الأول الذي خُضته في السياق العربي واليهودي كان اثناء تعليمي الجامعي في جامعة حيفا. بدأتُ بدراسة الإعلام وعلم النفس، في المساقين كان أغلب الطلاب يهود، وأقلية قليلة من العرب. كان هذا لقائي الأول المهم مع أبناء المجتمع اليهودي ومع أبناء المجتمع العربي الغير الدرزي، لكن كما يحصل دائما خلال التعليم الجامعي، اللقاء لم يتم في نطاق المحاضرات الاعتيادية، حيث كان كل واحد من المحاضرين منشغل في تخصصه ، وغالبًا ما كانوا غافلون عن كون المجموعة متنوعة ثقافيًا. وبالتأكيد لم يفكروا بالسؤال المفروغ منه، كيف تُحاكي المضامين التي يعلمونها للطلاب مع السياق الثقافي الخاص بهم
ردة الفعل الأولى بالنسبة لي كانت الغضب! الغضب على أنني أتيت غير جاهزة، لم يجهزني احد، لم اتعلم، لم أطرح الأسئلة الصحيحة. هذه التجربة جعلني أبدأ طريق طويل لفحص، تعلم وصقل هويتي الوطنية.
هذا يعني ان عملية صقل الهوية كان لها جوانب سياسية؟
جامعة حيفا هي مؤسسة أكاديمية مُسيّسة جدًا، عليك أن تبذل مجهودًا كبيرًا من أجل عدم الانخراط بالسياسة، في ممرات الجامعة يكاد يكون كل شيء سياسي، أقيمت لقاءات من خلال محادثات غير رسمية بين الطلاب. بدأت بتكوين صداقات من خلال التعليم ومن خلال سكني في مساكن الطلاب، تشكلت دوائر حوار مثيرة للاهتمام حول موضوع الحياة المشتركة. كان ذلك منذ عشرين عامًا و حتى اليوم لا أزال في عملية فحص لهويتي الذاتية والجماعية.
متى وكيف بدأتالعمل كمُوجهة مجموعات عربية يهودية؟!
أتيت الى الجامعة لدراسة علم النفس، حلمت بفرويد وهو جالسًا على الكرسي يستمع الى مريضَهُ, يساعدهُ على رفع الوعي الباطني الى الوعي والاجابة عن الأسئلة التي تبدأ بمعظمها بٍ ” لماذا“؟ ولكن بما أنني كنت بحاجة إلى دراسة مساق اخر, قمت بالتسجيل في قسم الاعلام, المُضحك في الأمر أنني بسرعة أدركت أن هذا قدري, تعلم الإعلام والإهتمام به , وبالعمليات الاجتماعية.
سحرتني بنظريات بناء الواقع، التّأطير والنيوماركسية. وفي نهاية الأمر تركت علم النفس، وبدأت بدراسة العلوم السياسية من أجل أن تكمل لدي الصورة.فتعلمت بناء المعرفة، التاريخ والتأريخ، تطور الوطنية، المدنيّة والقومية، والفرق بين التنوع الثقافي وتعدد الثقافات.
عملية فحص هويتي الجماعية الوطنية ما زالت مستمرة!
بحلول السنة الثالثة من تعليمي الجامعي، بدأت أدرك أن شغفي ليس بالذهاب الى استوديو التلفزيون، ولا لمحطة الراديو على الرغم أنني أحب الراديو. أدركت أنني أحب التواجد مع الناس، أدركت انّني ولدّتُ كي أكون معلمة ومربية! لم يكن واضحًا لي الى أي مدى كان لوالدي الذي كان معلمًا للتاريخ تأثيرًا عميقًا عليّ. وحين بدأتُ في تعلُّم شهادة التدريسفي الاعلام، لم يكن هناك مدارس عربيّة تُدرّس هذا الموضوع، وفي تطبيقي العملي في مدرسة ( ליאו בק) في حيفا, قابلت أورانت تورين, الأستاذة الأسطورة لالإعلام والذي أصبحت فيما بعد رئيسة قسم الإعلام في كلية جوردن.
أورنت كانت المعلمة الأولى لموضوع الإعلام التي قابلتها، معلمة تتنفس”التربية النقدية” التربية للمقهورين لباولو فريري,
وكانت تطبقه من خلال كل درس تقوم بتدريسه، وباالطبع كان هناك تعليم سياسي.
وبعد سنة، يإنتقلت لمدرسة كرمل زبولون، ومن ثم التقيت مع إيفانا راتنر. د. ايفانا راتنر هي اليوم المفتشة العامة على الاعلام والسينما في البلاد. ومع ايفانا، بدأت من جديد علاقتي بموضوع الحوار واللقاء العربي اليهودي. ومن وقتها حتى اليوم نحن شريكتان في كثير من البرامج وهي صديقة مُقربّة. لهاتان المعلمتان كان دور في تطوير هويتي كمربية وكمعلمة لموضوع الإعلام.
حين انهيتُ تعليمي وبدأتُ طريقي كمعلمة للإعلام في ثانوية جولس الشاملة، قمتُ بتمرير دروسي باللغة العبرية على الرّغم من أن المدرسة عربية درزية، ببساطة لأن المواد المُتاحة كانت باللغة العبرية. وخلال ثلاث سنوات بدأتُ عملي كمرشدة لمعلمي الإعلام في الوسط العربي. رافضةً بذلك الفصل بين” المجتمع الدرزي” و“المجتمع العربي“، وبالتعاون مع إيفانا التي طورّت برنامج “الحوار من خلال السينما” بدأنا بعقد لقاءات بين معلمي وطلاب الإعلام. ومن هناك كانت الطريق واضحة وسلسة.
وما هي المحطات الرئيسية في طريقكِ المهني؟
كانت المحطة الأساسية والأكثر أهمية هي طاقم معلمي ومعلمات الإعلام والسينما من هناك أكملتُ طريقي بتدريب وارشاد المعلمين في جامعة حيفا وكلية أورانيم، وكلية القيادة التربوية في معهد مندل، ومركز التعليم الإنساني في كلية לוחמי הגטאות، ومن هناك إلى كلية تأهيل المعلمين–أورانيم وبرنامج حوتام الّذي أعمل به اليوم. أسافر اليوم أيضًا مع وفود متعددة الثّقافات الى الخارج ونلتقي هناك أيضًا مع مجموعات ثقافية مختلفة، مع اللاجئين الذين يأتون للتحدث معنا. كل شيء أعيشه اليوم مع الطلاب هو أيضًا محطة مهمة. في وقت ما نتوسع أكثر عن هذه المسيرة والّتي عنها فقط يمكننا أن نكتب مقال كامل! لكن حاليًا يمكننا الاستماع هنا فيالرابط
للمقابلة التي جرت مع عيران وينجر حول الرحلة الرائعة التي قمت بها العام الماضي. مقطع رائع قام بإعداده ثلاث طلاب من كلية أورانيم أثناء الرحلة الى برلين وإرفورت, الرّحلة التي قمت بإرشادها مع د. ميكي موتلا وفاناد أوفازمن كلية أورانيم. أنصح بشدة مشاهدته.
متى حصل الإنتقال من تعليم الإعلام لإرشاد مجموعات؟ وهل في كليهما استأنفت العمل في موضوع العربي اليهودي؟
كمعلمة للإعلام ذهبت لتعلم إرشاد مجموعات في مركز مقاتلي غيتو للتعليم الإنساني، من هناك اكتشفت شغفي بالإرشاد بشكل عام، وإرشاد مجموعات الحوار/ ادارة الصّراع بشكل خاص.
قمن بتوجيهي أورلي غال وشهيرة شلبي (والتي بالمناسبة، هي نائبة بلدية حيفا) تجربة مختلفة لموجهتان، قويتان، لقاء متساوٍ بين الاثنتين، في المرة الأولى المرشدة الأولى العربية هي قوية ولديها حضور قوي، والمرشدة اليهودية أقل حضورًا، بالتأكيد تجربة مختلفة وربما مُكملة. وهناك بدأت بمقارنة العملية التي مررت بها في جلسات الحوار التي حضرتها في جفعات حافيفا ونيفي شالوم، وبدأت في صياغة هويتي المهنية كموجهة لمجموعات الحوار.
استغرق الأمر مني وقتًا لتصوره لنفسي. أنا أعتقد أن عملية المراهقة السياسية لدي هي تمامًا كجيل المراهقة، من فتاة درزية ترعرعت في بيت تتواجد فيه الهوية الاسرائيلية، والهوية العربية موجودة لكنها مقموعة، أما الفلسطينية معدومة. وصلت لمرحلة فيها قد تبنت مبادئ باولو فريري برؤية الواقع من حولي، العربية اليهودية، مثل واقع مُضطَهِد ومُضطَهَد. وشعرت أن وظيفتي كانت أن أكشف لليهود عمليات وآليات القمع الموجودة. اما اليوم أنا في مكان مختلف، أنا أؤمن أن هويتي مُركبة (الرجاء عدم إستخدام كلمة مشوشة، أنا لست مشوشة! أنا ببساطة مع هوية معقدة) وبداخلها الكثير من الهويات، (بالمناسبة سياسة الهويات) وهذا ما أقوله لطلابي: أنا امرأة عربية، درزية، فلسطينية، إسرائيلية، وبالتأكيد هناك المزيد…
عندما أكون في رام الله، أشعر بتجربة فريدة من نوعها، أجلس في مقهى وفي الخلفية صوت فيروز، ومن حولك أشعار درويش وجبران تُزيّن الجدران، كلّهم يتحدثون العربية، هذا الشيء ينعش روحي. من جهة أُخرى أعرف بالتأكيد أنني أريد أن أكون في هذا المكان، في هذا البلد، عندما أكون في الخارج وأسمع اللغة العبرية أشعر بالانتماء، عندما تكون هناك لعبة كرة سلة، من المهم بالنسبة لي أن يفوز فريق مكابي تل أبيب، ومهم جدًا بالنسبة لي كيف تظهر البلاد، وأنا منخرطة سياسيًا وأعمل من أجل المشاركة والنشاط. بنفس القدر هويتي الدرزية حاضرة في حياتي اليومية، ومهمة جدًا بالنسبة لي.
أنا أريد العيش في مدينة ديمقراطية فيها كل شخص يمكنه أن يدرك ويستخدم هوياته المختلفة بكل مُركباتها، سواء السياسية، الجنسية، الجندرية, الدينية, الخ…
كيف أصبح هذا المسار الأكاديمي الخاص بك؟
عندما أنتهيت من العمل في مركز التربية الإنسانية وانتقلت الى أورانيم, خشي أصدقائي من أن أبتعد عن المجال العملي في موضوع الحوار العربي اليهودي واعتقدوا أنني سأقع في حب النصوص النظرية فقط. لحسن حظي أنني أتيت الى مؤسسة أكاديمية ذات مفهوم تربوي عملي، قائم على المجتمع ويدمج بين التعليم الرسمي واللامنهجي، كما أنهم أيضًا يتعاملون مع موضوع الهوية الشخصية والجماعية للطلاب. أدركت أنني وجدتُ مكاني تمامًا. كما أن ربط النظرية بالمجال يثير اهتمام الكلية، والتنوع الثقافي ملحوظ مع دخول بوابات الكلية، ليس صدفة أنني بدأت في ارشاد مساقات الحوار العربي اليهودي والحوار متعدد الثقافات بشكل عام.
إذن ما هو تصورك اليوم لجلسات الحوار؟ كيف يجب ان تسير؟
أؤمن أنه من المستحيل الوصول إلى حوار حقيقي بمجرد الاجتماع، نهج التواصل الذي ساد هنا لسنوات لم يكن مرضيًا وكافٍ، أنا أعتقد أن التّواصل مع بعضنا البعض هذا بالتأكيد مهم، وهذه ليست تجربة معتادة لمعظمنا، لمعظمنا يوجد صديق عربي/ يهودي لكننا لم نقوم بزيارة بعضنا البعض يومًا، لم نطهو سويًا، ولم نحتفل سويًا.
من ناحية أخرى، من أجل صياغة هويتنا، يجب أن نسمح لأنفسنا مرة واحدة على الأقل في حياتنا أن نكون في دينامية مجموعة يهودية عربية حيث يتم الحديث عن كل شيء، لكن ليس من أجل المشاحنة والجدال، بل من أجل الإستماع لقصة الاخر، أنا أؤمن بالنّهج السردي الذي يبدأ فيه اللقاء من القصص العائلية للمشاركين، وبعد التعارف وبناء الثقة والقدرة على الإستماع, نبدأ في الإنخراط بقضايا أعمق وأصعب, مثل الخوف, الثقة, الصهيونية والفلسطينية, المواطنة المشتركة وغيرها…
وأؤمن أيضًا أنه ليس فقط هناك الرواية الإسرائيلية والرواية الفلسطينية، فهناك العديد من الروايات بينهما، هناك الكثير من القصص، وكما أنا معتادة في افتتاح دائرة الحوار ومشاركة القصص: كلُ واحد منا لديه قصة…
كيف يبدو هذا في الواقع؟
فيما يلي وصف موجز لمشهد من دائرة الحوار من خلال مساق “الحوار المدني اليهودي العربي” بإرشادي أنا و د. ديفد نيتزر من كلية أورانيم, طرحنا موضوع الخوف وطلبنا من المشاركين وصف الخوف لديهم, كان هذا في منتصف الكورس تقريبًا.
تقول المشاركة اليهودية أنها ليست محافظة، ولا تحافظ على الطقوس الدينية كيوم السبت، ولا تصوم في يوم الغفران، لكنها تخاف أن تنهض يومًا من نومها ولا تكون هناك دولة إسرائيل! تخشى من ألا تستطيع أن تتحدث يومًا باللغة العبرية، ألا تستطيع الاحتفال بالأعياد اليهودية، ألا تستطيع الراحة في يوم السبت. كانت في نفس اللحظة مشاركة عربية تستمع اليها، وعندما أنهت حديثها توجهت لها وقالت: خوفك هذا يجسد حياتي اليومية! أنا عربية مسيحية، أتعلم في يوم الأحد، أقدُم للكلية ولغتي ليس لها حضور أبدًا، لا أستطيع أن أحتفل بأعيادي دون أن أخسر أيام من تعليمي… هذا اللقاء بالنسبة لي كان لحظة تكوينية، لحظة مهمة، بعده ليس عليك قول شيء! يجعلك تدخل في لحظة صمت وتفهم معنى أن تكون أقلية عربية في دولة إسرائيل.
ولكن هذا مشهد محدد للغاية؟ مرّة أخرى على اليهودي أن يفهم وأن يعرف العربي، ماذا عن العملية العكسية؟
إنه موجود أيضًا، إليك مشهد ثاني في نفس الدورة، في القصص العائلية، شارك طالب من أصول أثيوبية قصة هجرته، لقد وصف الطريق الصعبة التي مرّ بها هو وعائلته من اللحظة الأولى التي قرروا بها الهجرة الى اسرائيل على مدار أشهر، يتحدث عن أهله وحبهم لصهيون، والمشاركين العرب بصمت وصدمة. عند نهاية اللقاء توجه طالب عربي له وقال: “الان فهمت أن تعلقكم بالأرض أعمق بكثير من ما كنت أتخيل, الان فهمت لماذا يغضب أصدقائي المهاجرين عندما أقول بسخرية “ملقيتوش محل ثاني بالعالم أحسن؟”
بالمناسبة، في نفس اللقاء طالب من أصول أثيوبية قال أنا متعاطف مع الطلاب العرب في الحوار حول العنصرية في البلاد والصعوبات التي يواجهونها هنا.
ماذا أرشدت سابقًا وماذا ترشدين اليوم؟
اعتدتُ أن أقوم بإرشاد معلمين وطلاب، واليوم أنا أعمل في الأساس بإرشاد معلمين ومعلمات.
أعتقد أن تأثير ذلك سيكون أكبر وبالتالي يمكننا إدخال ودمج الحوار والفعاليات الجماعية في أكبر عدد ممكن من الفصول الدراسية وأماكن التدريس. بالمناسبة لدينا الكثير مما يمكن فعله في سياق التدريس، التحديات كثيرة.
أقوم بإرشاد مساقات تأهيل معلمين، إعلام، وإرشاد مجموعات الحوار، وكل سنة لدي تحدي جديد.
أنا هذه السنة مرشدة لمساقات تجوّل ضمن برنامج “الأمل الإسرائيل” هذه المساقات رائعة جدًا،
أساسها رحلة لمدة أربعة أيام للتّعرف على الشّركات المختلفة التي تُشكل المجتمع الإسرائيلي، القبائل الأربع للرئيس.
حدثينا، ما الّذي يميّز الطلاب الذين سيخرجون للعالم كمعلمين للتّو؟
أنا أعتقد أن العمل مع معلمين في بداية مسارهم العملي تضمن لطلابنا تجربة تعليم من نوع مختلف، انا آمل أن يأتي طلابي الّذين أقوم بإرشادهم الى صفوفهم مع العديد من الأسئلة حول “افتراضاتهم الأساسية” حول الفصل الدراسي، طلابهم، عائلاتهم، والروايات التي تشكل هوياتهم، أحمل الى دوراتي الكثير من ممارسات الحوار ليس فقط في المساقات التي أقوم بتدريسها، وممارسات الاستماع، التحدث بصيغة الأنا وليس أنت, حوار شخصي, حوار عاطفي, الوعي للقوالب النمطية, والنظرة المسبقة, والرغبة في مكافحة العنصرية.
اليوم، أرى أن الهوية المهنية هي الأكثر هيمنة بالنسبة لي كوني موجهة معلمين ومعلمات، فأنا مشغولة بكيفيّة إرشادهم على قيادة التغيير في الفصل الدراسي، كيفية الدخول الى عمق الطالب ومعرفته، أن يفهموا الخلفية التي أتوا منها في السياق الشخصي، العائلي، الوطني الديني و…
هل تشعرين أنك حققت هدفك?
على المستوى الشخصي، أشعر أنني في مكان أفضل مما كنت أحلم به. لو كنت في سن العشرين وطُلب مني أن أتحدّث أين سأجد نفسي في سن الأربعين، بالتأكيد لم أكن أتوقع أنني سأصل الى هذا المكان.
وأعتقد أن التّصميم والاجتهاد والفضول للتّعلم والتّنمية الشخصية يمكن أن يضمن الوصول إلى مناطق لم نحلم بها.
اليوم أنا أؤمن أن الطريق أمامي ما زالت طويلة، وأعتقد بشكل أساسي أن شغفي بالعمل وانشغالي بالتوجيه والتعليم يمنعني من المضي قدمًا في البحث، إذ لدي العديد من المجالات التي أود استكشافها والكتابة عنها.
أخبرينا ما هو دافعك للقيام بذلك؟
ايماني بأنه كل شيء ممكن! الاعتقاد بأن الناس متساوون! قد يبدو الأمر غريبًا، لكنني أستمتع برؤية مجموعة متنوعة من الأصوات، الألوان، الثقافات ولا أستطيع أن أفهم كيف يمكن للناس أن يعتقدوا أن الولادة لجنس معين أو دين أو عرق معين يمكن أن يمنحهم ميزة على الآخرين. كيف يمكن لهؤلاء الناس أن يشرحوا لأطفالهم أنهم أفضل، وموهوبين، ومُقدَرين فقط بسبب شيء ولدوا معه وليس شيئًا فعلوه وحققوه، وهذا أمر وهمي بالنسبة لي. أريد أن أقف أمام كل من أبنائي وأقول بصدق أنني فعلت ذلك وحاولت بجد لجعل واقعهم يبدو مختلفًا، بالأساس أكثر إنصافًا وحرية. أعتقد أن حياتنا في هذا البلد صعبة بالتأكيد، لكنني لن أستبدلها في أي مكان آخر في العالم. هنا وُلدّت هنا وَلدت أطفالي …وعلى هذه الأرض هناك شيء يستحق أن نعيش من أجله.
أين تتصورين نفسك بعد خمسة سنوات؟
أكون هنا في أورانيم, بإرشاد المعلمين, أخصص وقت أكثر للبحث والكتابة, وأستمتع بمرافقة المزيد من طلاب ومعلمين في طريق تطويرهم الشخصي والمهني.