” لماذا أحضرتونا هنا؟ صرخت هداس في وجهي والدموع تملأ عينيها. “
” نحن” – الصف المختلط في المشروع الخاص, عرب ويهود, متدينون وعلمانيون.
” الى هنا” – عند الشيخ جراح, و”القديس شمعون” في القدس, ليس بعيدًا عن الجامعة التي ندرس بها, قريب جدًا من شارع 1 المعروف جدًا لكل مقدسي.
كجزء من مفهومنا التربوي, حاولنا نحن فريق المعلمين المكون من عرب ويهود ، متدينين وعلمانيين أن نكشف الطلاب على واقع المدينة الحقيقي دون وساطة, ونكوّن لديهم انطباع من الواقع وليس من القصص, كل هذا تحت عنوان البرنامج الفريد: “المواطنة والتعددية الثقافية في القدس”.
الاضطراب الذي حصل مع هداس لمس قلبي, وشعرت بكثير من الذنب تجاه ما حصل.
بدأنا الجولة في مجمع “قبر شمعون القديس” اذ يوجد هناك مستوطنة صغيرة, يوجد فيها بعض البيوت الصغيرة المرتصة جانب بعضها, والتي كانت سابقا لسكان عرب وقد تم طردهم واقصائهم وادخال السكان اليهود مكانهم. . استقبلنا متحدث باسم الحي ، والذي يكون من أفراد عائلة الحاخام عوفاديا يوسف , وأوضح بابتسامة أن هذه المنازل مملوكة لليهود منذ القرن الماضي ، وأن الفلسطينيين اجتاحوها في الفترة التي كانت فيها المدينة الشرقية تابعة للأردن. شرح نظرته للعالم بفخر كبير, وانا كنت انظر بقلق إلى وجوه الطلاب العرب الذين يستمعون بهدوء معظم الوقت.
انتهينا من الاجتماع الأول ونزلنا في طريق ضيق مظلم, مكان تعيش فيه عائلتان ” الباب عالباب” واحدة منهم فلسطينية والأخرى يهودية, منزل من طابق واحد تم إخلائه من جانب واحد من ساكنيه تحت ضغط جمعية إلعاد والجانب الآخر عائلة لم تستسلم بعد.
جلسنا لإجراء محادثة مع العائلة الفلسطينية ، وبينما كنا نسمع قصتهم ، بدأ جيرانهم اليهود في الاقتراب منا ، ومعهم كلب مستأذب شرس قام بالكشف عن أسنانه وشد بقوة الجنزير الذي يربطه . ” شايفين”؟؟ قالت الأم الفلسطينية: “هذا ما يفعلونه بنا في كل مرة نعود فيها إلى المنزل من العمل أو نذهب للتسوق, يحاولنا تخويفنا والتحرش بنا حتى نترك البيت ويأخذونه منا.
استمر المشهد الغريب ثم جاءت اللحظة التي نهضت فيها هاداس المضطربة وغادرت المجمع ، ثم قمت بإتباعها قلقًا بأن تخرج الى الشارع الرئيسي ونفقدها.
” لماذا أنتم مصرون على كشفنا لكل هذه الأمور السيئة؟ ما الذي سنخرج منه؟ ليس لي علاقة بهؤلاء الناس, ولا أريد معرفتهم, لماذا أتيتم بنا إلى هنا؟!”
عدنا إلى الجامعة ، استراحة ، الخبز مع الشوكولاتة وكوب من العصير يصنع العجائب للمراهقين وطلاب المدارس الثانوية ، هدأت الرياح قليلاً وبعد تلخيص الجولة, عدت في طريقي الطويل إلى المنزل إلى الشمال ، والظلام على جانبي الطريق يوضح جيدًا الشكوك في قلبي.
كحال المعضلات التي أصابتني بعد اللقاء مع السيد لفتاوي, في محل الفلافل, أتسائل بنفسي على الطريقة التي عملنا بها. داخل المدرسة نحن نعلم عن طريق الكتب, وفي الرحلات السنوية نعبر سريعًا من خلال المدن والقرى حتى نصل الى الصحراء الخالية من الأودية, وبهذا نمنع طلابنا من التأقلم والتعامل مع الواقع المضطرب الذي نعيش فيه ومواجهة مواقف معقدة بشكل ميؤوس منه.
وهذا نوع من الموافقة على الصمت للجميع, الاباء المعلمين والطلاب لحماية أطفالنا من الوحوش والشر. وبأي حق أقوم بأخذ هداس البريئة والطيبة وأصدقاءها اللطيفين, وأخذهم مباشرة إلى الفناء الخلفي المليء بالخردة المعدنية والقمامة وجثث القطط؟
ومره أخرى, يقف الطلاب اليهود في وضع يكونون فيه جزءًا من ” السيئين, الأشرار” العنيفون, المحتلون واللصوص. وهذا اتهامات غير مباشر بأشياء لم يفعلوها بأنفسهم ولم يشاركوا بها بأي شكل من الأشكال. ، وربما بالغنا في أننا نثقلهم مرارًا وتكرارًا بهذا العبء الثقيل؟
ركز الدرس الذي تلا زيارة القديس شمعون والشيخ جراح على التقارب الذي يميز القدس: ديانات وشعوب, قداسة وتوتر وحب شديد لدرجة الكراهية. أحضر أحد الطلاب اقتباسًا من يهودا عميحاي عن قدسية المدينة:” أبي, لا تنزلني , أبانا ملكنا, أبقينا في الأعلى, أبانا ملكنا”.