الحكاية الأولى:
“فلافل لفتاوي” هو كشك صغير لبيع الفلافل على جانب الطريق المؤدي الى سكن الطلاب الجامعي في التلة الفرنسية في القدس. بعده بمسافة قصيرة يقع فندق االحياة الفاخر.
.بناءًا على اسمه خمنت أن مالكه ربما كان لاجئاً من قرية لفتا الواقعة على المدخل الغربي للقدس.
وكانت الإجابة بالإيجاب ظهرت على مبسم العجوز. نعم انه “لفتاوي”.” .
“هل توافق على أن أقص قصتك لطلاب الثانوية عرب ويهود؟” قمت بسؤاله ثم وافق على ذلك.
قديمًا قمت بالتدريس في برنامج تم تطويرة في الجامعة العبرية في “مركز جيلو للتربية المدنية والديمقراطية”. قامت مجموعة من طلاب المدارس الثانوية من جميع أنحاء القدس ، بما في ذلك اليهود والعرب ، المتدينين والعلمانيين ، بدراسة “المواطنة الممتدة” معًا في برنامج بعنوان “العيش في القدس – المواطنة والتعددية الثقافية في القدس” وقد سعدت بالفرصة التي سنحت لي بإحضار الطلاب الى كشك الفلافل الذي يمرون منه كل أسبوع في طريقهم الى الجامعة من أجل سماع القصة من وراء هذا الكشك .كان معي مدرسان آخران – علاء الدين من أبو غوش ودودي ، الذي يُدرس في مدرسة دينية ثانوية حكومية. نتولى نحن الثلاثة قيادة الفصل معًا بثلاث لغات: العربية والعبرية و “الدينية” …
يوم اللقاء بلفتاوي أتى, جلسنا جنبًا الى جنب في المساحة الصغيرة, وقد حضر الجلسة أبن لفتاوي الشاب, وبدأ لفتاوي بالحديث عن قريته لفتا وعن جمالها وسكانها, ثم أتى الحديث عن سنة ال 48 يوم التهجير. وكيف تحول فجأة الى لاجئ لقد أسرني المنظر الذي كان أمامي وفاجئني جدا , من جهة يجلس الطلاب العرب من بيت صفافا وأبو غوش ، الذين انبهروا بقصة الرجل العجوز وحتى أن بعضهم تأثر حد البكاء, ومن الجهة الاخرى يجلس الطلاب اليهود اذ ظهر التوتر المتزايد بينهم ، وبعد دقائق قليلة من انتهاء لفتاوي من خطابه ، بدأوا بالاستياء من اتهاماته لليهود. ، “إسرائيل”. ولزيادة الوقود على النار. ، بدأ ابن لفتاوي أيضًا بالمشاركة في الحديث حيث شاركنا معاناته عند نقاط التفتيش في طريقه إلى القدس ، وغضبه من مصادرة أراضي القرية ومنازلها. من حينها حتى اليوم.
.
تحول الحديث إلى مجادلات واتهامات متبادلة ، وبدأت الأصوات تتعالى مما أدى الى اتفاق بين المعلمين على إيقاف الحوار والعودة الى الصف, وقد اهتم لفتاوي بتزويد الطلاب بوجبات فلافل.
.
لحسن الحظ كانت ساعة انتهاء الدوام وعودة الطلاب الى البيت حتى للدرس القادم. .
بعد أسبوع من التفكير في كيفية تمرير اللقاء المشحون, أتى موعد الدرس. خرجنا مع المجموعة للجلوس على الديشة, وطلبنا الجلوس على طريقة حوض السمك, دائرة داخلية لليهود ودائرة خارجية للعرب, سيتحدث اليهود مع بعضهم البعض تحت إرشادي والعرب سيستمعون “من الخارج” ، من يريد أن يسأل أو يعلق ، يدخل الدائرة الداخلية ، يقول كلمته ويعود إلى مكانه..
طلبت منهم أن يوصفوا مشاعرهم خلال اللقاء الذي حدث مع لفتاوي.
بعد الدقائق الأولى من قصته “وصف أحد الطلاب” ، عندما روى عن الترحيل وتدمير القرية ، شعرت أنه يهاجمني شخصيًا. شعرت بأنني مضطر للدفاع عن الجيش الإسرائيلي والإسرائيليين بشكل عام
” قال أحدهم: لقد عودونا دائمًا أن نقف معًا ضد المهاجمين . ممنوع, ببساطة ممنوع أن لا أعلق على الموضوع وأصمت, على الاتهامات ضد دولتي وجيش دولتي, اذا لم أعلق فورا, بالتأكيد هذا سيوحي بأني موافق على الادعاءات الفلسطينة ضد الصهيونية, ويتعارض مع حقي في وجودي هنا. .
واحدة من الطالبات من أبو غوش طلبت بالدخول الى الدائرة اليهودية, ” ثم بدأت بالحديث ” الرجل قام بإخباركم بقصة شخصية حقيقية, ألم تستطيعوا التعاطف مع قصته على المستوى الإنساني! أن تتفهموا الانسان الذي أصبح لاجئ!؟”
سؤالها بقي بدون إجابة أو رد.
الدوائر تبدلت, جلس اليهود في الدائرة الخارجية, وقاموا بالإنصات لزملائهم العرب, بارشاد زميلي علاء الدين الذي قام بترجمة أقوالهم للعبرية وذلك من أجل أن يستطيعوا بالتعبير عن انفسهم بشكل أفضل.
قال أحد الطلاب العرب: ” أنا لا أعلم أين أضع نفسي! لاي جانب أنتمي! يسمونا عرب الداخل الذين بقويوا في فلسطين ولم يهاجروا, أنا مواطن هذه الدولة وأستمتع بوجودها, وقرية لتا المدمرة تقع على بعد خمس دقائق من بيتي , ولفتاوي العجوز في نفس جيل جدي , لا أستطيع نهائيا العودة الى هناك, في كشك الفلافل خاصته أنا فلسطيني مثله ويوجعني وجعه, وهنا في الكلية أنا إسرائيلي إضطر على الرغم من مروري بتفتيش قاسية عند دخولي من بوابة الجامعة الا أنني أجلس معكم في نفس الصف في مكانة متساوية. شعرت بأن عليي الاعتذار من عائلة لفتاوي أن امضي قدمًا بإرثهم”
المحادثة امتدت طويلا, ونهاية الدرس كانت بصمت كما لم يحدث من قبل, بدى كأنه تراكم أفكار أنتجت حاجة للصمت وقط طويل.